( كدة عيب )


ولجتُ المنزل على صراخ زوجتي وهي ممسكة بذراع ابننا الصغير بعنف وتنهره قائلة :
- كدة عيب .
وضع ممل يتكرر عدة مرات يومياً، والمشكلة أن الصبي عنيد يكرر نفس أخطائه ، وهي صبورة تكرر نفس أسلوب العقاب واللوم .
دخلتُ غرفتي دون القاء أي تحية عليهم واستبدلت ملابسي بينما دخلت زوجتي صائحة :
- الغدا جاهز في المطبخ ، أنقله على الترابيزة ؟
هي ليست غاضبة ولكن هذا هو أسلوب حوارها منذ عدة أعوام ، أومأتُ برأسي دون رد فخرجتْ للتنفيذ .
كنت آكل مترقباً ابنتي في انتظار لحظة توسيخها مفرش السفرة مثل كل يوم ، وما أن تم هذا حتى شهقت زوجتي وكأنما الأمر مفاجئاً لها ، وصاحت :
- كدة عيب .
وأضافت عبارات متناثرة على غرار " انتي صغيرة ؟ " علما بانها صغيرة بالفعل، " مش قلنا مليون مرة ... " وبالفعل قالت معلِّمة أكثر من مليون مرة كيفية تناول الطعام بدون توسيخ ، ولكنني أجهل حتى الآن كيف يجب على طفلة في الخامسة أن تجيد استخدام الشوكة والسكين بدون توسيخ ‍!
جلستُ مع كوب الشاي أمام التليفزيون والصياح يتناثر في أرجاء المنزل تتخلله عبارات عن المذاكرة وحل الواجب وسماع الكلام وأشياء أخرى .. لا أدري السر وراء توحيد توقيت النشرات الإخبارية على القنوات ، ولا سبب تكرار الأحداث الإخبارية على كل قناة بنفس الترتيب مع فارق اختلاف لهجات المعلقين وزميلاتهم .
مقتل .. مصرع .. استشهاد .. شارون.. القاعدة.. متحدث باسم البيت الأبيض .. الصياح لا يتوقف من الكائنات الثلاثة الأخرى .. تهمة رشوة .. قنابل .. انتخابات مزورة .. أسلحة دمار شامل ، ما معنى شامل ؟ شجب .. ضبط النفس .. هؤلاء في حاجة لزوجتي كي تعرفهم أنه :
- كدة عيب .


*

هناك تعليق واحد:

محمد ابو العزم يقول...

يسعدني ان أكون أول المعلقين
عملك مكثف بشكل جذاب وأعتقد انك تسعى الى ذلك باستمرار
تضفير جميل لأعمال يومية تتم بشكل آلي رغم اختلاف عوالمها
أهنيك على اللغة البسيطة والأسلوب المشوق